الأربعاء، يناير 31، 2007

رؤيتي في الجودة

رؤيتي في الجودة

الحياة - 31/01/07//

حضرت محاضرات عدة، وشهدت عدداً من الدورات والبرامج التدريبية، وقرأت كثيراً حول الجودة، وقمت بإعداد بحث حول معوقات تطبيق الجودة في المدارس، وزرت مركز الملك فهد للجودة (مسماه الجديد بعد أن كان بمسمى مركز الأمير محمد بن فهد للجودة). وأخيراً حضرت الملتقى الأول للجودة في التعليم الذي نظمته إدارة تربية وتعليم البنين بالأحساء 2007، وشخصياً حقيقة لست ضد مبادئها ولا تطبيقاتها ولا كلماتها ولا طنطناتها، لكن التوجه العام حول الجودة والاهتمام العالمي بها، هل يعني أنها الخيار الوحيد؟ كما عبر حسين القرشي أحد المتحدثين في ذلك اللقاء، تساؤل يتردد في ذهني ماذا عن الأنظمة الشبيهة مثل التميز المستمر أو بطاقة الأداء المتوازن أو التخطيط بالأهداف أو كايزن الياباني أو هابي الياباني كذلك... وغيرها من البرامج الإدارية التطويرية... إذا حصل وقدر لك حضور أي من فعاليات ومحاضرات المنادين للجودة فستلاحظ الحماسة التي ترتسم على وجوه الحضور والاستمتاع، لكن قبل أن ينتهي المحاضر تجد الحضور يسأل سؤالاً مكرراً: ما الجودة؟ وكيف نحققها؟ لتجد أن «ديمنغ» أبا الجودة عالمياً يجيب بكل بساطة: لا أدري ويطير الناس بذلك الجواب، إذ يشعرون أنهم هم ومن ينادي بالجودة متساوون في الجهل بعدم معرفة تلك التعويذة السحرية التي تعرف بالجودة ... غير ذلك يسألون كيف نطبقها ما أدواتها كيف ومتى وأين ومع من نبدأ؟ ويشعرون بكراهية الجودة حين لا يجدون أي تميز للمدرسة أو المصنع الذي حقق الجودة بشهادات عالمية أو محلية ليعيدوا السؤال الجريء: ما الفائدة من تطبيق الجودة إذن؟ و«ينطلق مع الخيل يا شقراء» ليس إمّعة واحدة ولكن إمّعات كثر يتحركون في الدعوة للجودة وتطبيقاتها، ليس قناعة بما فيها ولكن ركوباً للموجة ورغبة في الظهور في المحافل، وهؤلاء في ظني أكثر من أضر بالجودة وحقق إخفاقاً لها حيث الاستهلاك السيء للجودة وتشويه سمعتها بتولي زمام مناصبها من لا يفهمون فكرتها ومعناها وأكثر من ذلك سوءاً أن يتولى تقديم برامج تدريبية في الجودة وتطبيقاتها صنف من المدربين لا يعرفون الجودة أساساً وإنما هم في صنف الممارسة السلبية التي تنطق عن الهوى وعدم المعرفة وتأدية الواجب والتكسب فقط من مثل مدربين غير أكفاء وبرامج تدريبية ضعيفة يدخل المتدربون ويخرجون مثل الطرشان في الزفة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه والنائحة الثكلى ليست كالمستأجرة، وأسوأ منه استضافة شخصيات من الخارج ليست ذات خبرة ولا دراية ولا تجربة ولا معلومات لتتحدث عن الجودة وتزيد الطين بلّه.
أما المستهلك والمتلقي الذي يخلط بين الجودة والأيزو وأرقامها والشهادات المشتراة للمصانع والشركات والمؤسسات، ويرى سوء المنتج، فيقع عنده الخلط والتخبيط بين جودة العمليات الإدارية وبين مقاييس المواصفات النهائية للمنتج فيقع هناك التدمير النهائي لثقافة الجودة النوعية الشاملة. ومن الأصناف الذي أساءوا للجودة إساءة حادة هم فئة أتعبوا الناس وأرهقوهم وأذهبوا مقدراتهم في الإغراق في نشر ثقافة الجودة بنشرات ومطبوعات ويافطات ولافتات، وظلوا مدة طويلة في مكانهم يراوحون ويقدمون خدعة كبيرة للأجيال بأن الجودة ما هي إلا طنطنة، وبالعكس منها فئة أخرى إساءتها أخف بكثير وهي التوجه نحو تطبيق الجودة من دون أدنى تثقيف لها في محيطها ومسرحها والمستهدفين منها ما جعلهم كالمنبت الذي لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع. هموم الجودة وتطبيقاتها كثيرة لكن أحاول أن أستكمل بعض المفاصل فيها، وهي سوء الاختيار لفريق تطبيق الجودة في بعض المنشآت والمؤسسات أحياناً من الذين يقدمون خدماتهم في الجودة بحكم الوظيفة وليس حباً وقناعة فيها، فتجدهم في اللقاءات الخاصة في ما بينهم يذمون ويشتمون الجودة ومن أتى بها، الأمر الذي ينشر بين المجتمع صورة سيئة عن الجودة يصعب علاجها ويجعل منا كما البيت القائل:
متى يبلغ البنيان يوماً تمامه
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

وبعد - عزيزي القارئ - فأملنا في اللجنة الوطنية للجودة أن تنبري بنشر ثقافة الجودة الصحيحة، وأن تحارب تلك الممارسات الشائنة، وأن تتبنى محبي الجودة وناشطيها، وأن ترفض الصنف الانتهازي المتكسب الذي يأتي على مكاسب الجودة ويدمرها كالسوسة الحمراء، وكذلك أن تجعل من الجوائز والتقدير لكل من يقدم تجربة وجهداً وعملاً يتسم بالجودة تقديراً يليق والجهد الذي بذله والفكر الصادق الذي قدّمه.

الخميس، يناير 25، 2007

مو معقول

مو معقول

نشرت في وقت سابق بجريدة اليوم ملحق الخميس

لا أحد ينكر الجهود التي تبذلها ويبذلها رجال الأمن في هذا البلد ، والأموال التي ترصد لهذا الجهاز الأمني ، لكن مسؤولية الأمن أبداً لا تقع على رجال الأمن وحدهم ، الجميع مسؤول مسؤولية تامة عن أمن بلاده ، وعليه أن يسعى لا لكشف المجرمين والمساعدة في القبض عليهم ولكن العمل على القضاء على أسباب الجريمة

وانطلاقا من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم : " من قال هلك الناس فهو أهلكهم "

فلن أبعد الكلام في مستوى البعد الأخلاقي الذي أخذت تصل له الجريمة والتخطيط والرسم لها في الأحساء كما هو حاصل في بقية المناطق ، لكن أسباب هذه الجريمة أضحت واضحة وضوح الشمس في ظل بيوت لا تقوم على ( تقوى الله ) وعلى والد أو والدة يتما أولادهما واتخذا كلام شوقي شعارا حين قال : ليس اليتم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليلا

إن اليتيم من تجد له أمّا تولت أو أبا مشغولا

وأيضا في ظل نقص واضح من النوعيات الممتازة من المعلمين الأكفاء الذين يعملون بالنصح والتوجيه لطلابهم لا من أجل الوظيفة ولكن من أجل الأمانة المنوطة به ، وأيضا ما سلّط على المجتمع من سيوف الإعلام ما جعل تركيبة المجتمع الأحسائي بل وبنيته التحتية تهتز هزة الزلازل العظيمة ، والانترنت التي تسربت عبر برامج البال توك وغيرها مما خلعت البقية الباقية من ورقة التوت التي أزاحتها كاميرات الشات العارية

ووجود نخبة من عمالة وافدة أخذت على عاتقها مسؤولية الفساد والإفساد ونشر الرذيلة عبر الأفلام والأقراص الضوئية وترويج المخدرات .

وفي ظل تقاصر بعض أهل الخير والصلاح عن العمل بالتوعية والإرشاد والأمر بالمعروف ونشر الخير بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن .. كل تلك الأسباب أوصلت لنا حالات وقصص غريبة عجيبة من الحكايا التي تسري وتصبح حديث الداريات والمجالس مثل قصة خطف الفتاة ، وقصة عرس الشواذ ، ومثل قصة وفاة شاب وشابة في سيارة ماتا بسرهما من دون أن يعرف لمقتلهما سبب ، أو قصة اختلاسات أموال ... أتساءل هل هذا هو المجتمع الأحسائي المتسامح الشهم أم ماذا ؟ ما الذي يحصل يا ترى ؟ ومن المسؤول ؟ وكيف النجاة بأهلنا وبأولادنا عن أن يكونوا قصة من القصص إياها تلوكها الألسن وتتطاير كما يتطاير الدخان الأزرق من أنفاس المعسل في المقاهي والاستراحات

شارع العاشقين

شارع العاشقين

نشرت في جريدة الحياة

تستطيع أن تكتب ما تشاء في الوقت الذي تشاء وبالاسم الذي تشاء حتى لو كان يخدش الحياء

، عبارات الحب والهيام وتشجيع الأندية ، وربما بعض الفضائح ولقد مرت علينا سنة عجيبة كنا نجلس صباحا نحاول الاطمئنان على بيوتنا وسياراتنا من الكتابات التي أخذت تطال كل شيء وأي شيء ولكي أدغدغ ذاكرة بعض أهل الحارة بتلك العبارة التي ملأت أعينهم وأعيتهم السبل في الحصول على كاتبها ( بوقلق ) الذي أقلقنا ؛

بمجرد ما شرع المقاول في وضع الحواجز لبناء مدرسة في حي كبير إلا و كتب على ذلك الحاجز ( شارع العاشقين )

مع أن الشارع يكاد ألّا يخلو من السيارات ليلا ونهارا ، لكن كيف له الجرأة لأن يكتب تلك العبارة المشينة ، أدوات الجريمة سهلة ( بخاخ صبغ ) بـخمسة ريالات وربما احتاج إلى لثام ولا يشترط جمال الخط ولا الإلمام بقواعد الإملاء .

..أذكر أني دعيت لكتابة رأيي في تلك الكتابات التي ملأت الشوارع وجدران الأبنية خاصة أمام واجهات مدارس البنات في مجلة تربوية فكتبت حينذاك :( أتصور أنّ نسبة الكتبة على الجدران قليلة في المجتمع فهي لا تمثّل إلا 5% على أعلى تقدير وأنها تنعدم في العنصر الأنثوي من المجتمع ولا يزاول هذه العادة إلا الشريحة العمرية بين 7سنوات وعشرين سنة لكن هذه الزيادة في الكتابة الجدرانية ناتجة عن إهمال في محو الكتابات وتقصير من الجهات المعنية في هذه المهمة فمن الملحوظ أن العبارات المكتوبة أحيانا تكون مكتوبة ولها ما يزيد على العشر سنوات فما ذنب الأطفال في الحي في هذه الكتابة بل أقول أن التقصير في إزالة هذه الكتابات ربما شجّع الأطفال لهذه الممارسة فتكاد تكون الجدران مكسوّة بالكتابات بنسبة عالية لكن جلّها كتابات قديمة .

أما أسباب وبواعث الكتابة :

1) الفراغ فلو وجد للشباب والأطفال ما يشغلهم بالمفيد لانصرفوا عن هذه الممارسات .

2)ضعف التوعية بسوء هذه الممارسة

3)عدم إيجاد العقوبات الرادعة .

4) غالباً ما تكون تشجيعا لأندية رياضية .

5) الغريب أن بعض الكتابات تكون عبارة عن رسائل متبادلة وحوارات بين أكثر من طرف وهذا ملحوظ في دورات المياه (أكرمكم الله )

6 ) التشهير والانتقام من شخص أو أشخاص بعينهم .

7) الذكريات .

8) التخريب والتشويه .

وتترتب على تلك الكتاباتعواقب كثيرة أهمها التشويه الحاصل والضرر الواقع على الحي أو الموجّه له الرسائل أو الموقّعة باسمه من دون أن يكون له دور ونشر سلوكيات أو أفكار غير حقيقية أحيانا وأحياناً خدش حياء المارة مثل العبارات التي توضع على بعض مدارس البنات والمقصود به إحداهن !! والله المستعان ؟

الأربعاء، يناير 24، 2007

الأطرش في الزفة

نشرت في جريدة اليوم ملحق الأحساء

الأطرش في الزفة

قرار سمو ولي العهد الأخير بسعودة وظائف الليموزين ، وقرار سعودة أسواق الذهب ، وقرار سعودة محلات النسخ والتصوير ، كل هذه القرارات أصابت الأسواق والشركات والتجار في سائر أنحاء المملكة بربكة ومطالبات بتأجيل التطبيق ورفع مذكرات توضح مدى الخسائر التي سيتعرضون لها من جراء هذه القرارات إلا أن الوضع في الأحساء ( وكأن شيئا لم يكن ) ومثل هذه القرارات مرت قرارات أخرى بنجاح مثل قرار سعودة سوق الخضار وابتلعت أسواق الخضار شيئا من قوة العمل السعودية التي تتمتع بها الأحساء

محلات سوق الخضار أشبعت بالسعوديين ، وأشبعت محلات الخضار في الأحياء ، وأشبعت الطرقات من عارضي الجح والتين والرطب بعميلة حسْوَوَة كاملة الدسم .

ولا زالت خريجات الجامعات والكليات قابعات في البيوت وفي انتظار قرارات أخرى تفتح لهم فرصا جديدة للعمل وكأن الأحساء تقول : هل من مزيد ؟! وفي الوقت نفسه نجد أصحاب الملفات العلاقي الأخضر يجوبون الشركات والمؤسسات بحثا عن فرصة عمل وبأقل أجر ، حتى وصلت أجور بعض العاملين في أعمال الحراسة إلى (800) ريال شهريا وكل يتمسك بهذه الوظيفة المرموقة خوفا من ذهابها ولا يأخذها إلا بعد شفاعات وشهادة خبرة ودورات .وفي ذات الوقت نجد تدفقا كبيرا من العمالة الوافدة خاصة من البنغال الذين ملأوا الأرض حتى أنني أفتح صنبور الماء في الصباح وأخشى أن يخرج لي أحدهم مع الماء أو مع آخر قطر الماء والعجب أنهم يتقاضون رواتب مجزية ويتحصلون على مبالغ من هنا وهناك ، ليس مهما مصدرها ولكنها تأتي عليهم بنعم كثيرة ، فلا تستغرب أن ترى البنغالي يملك السيارة والجوال ناهيك عن حجم الإرساليات الشهرية التي تفوق عقده مع مؤسسته وكل هذا عادي جداً ، المشكلة أن المزارع والبيوت والدوائر الحكومية والمدراس و المساجد ملأى بالنغالي ( ماركة الرقبة هزاز و أيش في قول أنت؟) العجيب لم يتضايق أحد منهم إنما الذين تضايقوا منهم فقط العمالة الأخرى من الهنود و السرلانكيين وبقية الجاليات العربية وكأن السوق أضحت لهم من دون غيرهم .

وأحب أن أذكر بزيارة سمو ولي العهد للأحياء الفقيرة في الرياض في شهر رمضان 1423هـ وأذكر بالصحوة التي تنبه لها التجار في سائر أنحاء المعمورة إلا أن بعض التجار يظهر أنه لا يزال ينتظر تعميما خاصا وتوجيها خاصا بالبحث عن الأسر والأحياء الفقيرة ودعم الجمعيات والمؤسسات الموجودة ويسير مثل الأطرش في الزفة !

السبت، يناير 06، 2007

صدام المجرم .... أم الأضحية

صدّام ... المجرم أم الأضحية؟

عبدالمنعم الحسين الحياة - 06/01/07//

مشاعر متضاربة هزت كثيراً من أعدائه ومحبيه صبيحة عيد الأضحى المبارك. عيون متسمرة في شاشات التلفزة وهي تنقل خبر تنفيذ حكم الإعدام فيه وتتابع تعليقات وتقارير مطولة عن حياة صدّام وعن طريقة تنفيذ حكم الإعدام فيه.
ما بين مشاهد الرقص وتوزيع الحلوى وبين التنديد بأميركا والحكومة العراقية والصمت حول إعدام أحد زعماء العرب وأحد زوايا التاريخ الحديث وصُنّاعه. في تصوري بغضّ النّظر عن مذهب صدّام أو فكره أو أقوال علماء السنة أم الشيعة فيه، فهو تحول الآن بعد مشهد إعدامه إلى بطل عند الجميع، ناضل لأفكاره وثبت عليها حتى آخر رمق. لم يهتز ولم يتغير سواء كان ممسكاً بالسيجار الكوبي أم المسدس أم يقهقه ضاحكا أو تأتي صوره وهو يعوم في الماء أو مع الممثلين والممثلات أو تصريحاته الرنانة حين يزبد ويرعد ويهدد جيرانه أو إسرائيل، أو تهديده لأميركا وقادة أميركا وبالتحديد بوش الابن والأب.
صدّام فرض شخصيته وحضوره في كل الصور والمحافل، وأجبر العالم كله على أن يحسب له ألف حساب، حتى عندما أعدم. من كان يصدق أن سفاح حلبجة، أم زعيم فدائيي صدّام، أو قائد الحرس الجمهوري ذلك الجيش الأسطورة سيختبئ يوماً في حفرة. كان الكل يتوقع أن صدّام لن يحتمل منظر السقوط المدوي والانهزام السريع لقواته وقادته الذين فروا واختبأوا وتفرق من حوله، وعدم أمان خيانتهم التي تجلت في تعجيل سقوط بغداد. إنه سيحتمل كل تلك المناظر ويظل قيد الحياة ويفكر في الاختباء داخل العراق وفي حفرة! كانت الاحتمالات تذهب لهروبه أو مقتله أو أنه انتحر كما انتحر هتلر، وسيقتل نفسه ويتمثل الأثر المشهور: بيدي لا بيد عمرو أو بوش أو المالكي!
تلك الصدمة الكبيرة التي فاجأت الناس وجمعتهم أمام شاشات التلفزة حين بثت لقطات صدّام بعد القبض عليه، وبث تلك اللقطات المقصودة والطبيب - لا أدري طبيب بشري أم بيطري - يجري كشفه عليه، ويضرب على أذنيه ويضيء بمصباحه ظلمات فيه، وينظر في تلك العينين الزائغتين وتلك اللحية الكثة وشعر الرأس الطويل الأشيب المنسدل بفوضوية وأتربة.
لقد هزت تلك الصور الجميع نظراً إلى أن ما من شخص يحب أن يرى صدّام القوة في منظر الضعف. صدّام الكبرياء يكون بهذا الذل. صدّام طلع مرة أخرى في المحكمة وتم التأكد من شخصيته واستمع الناس مشدوهين لصوته وكلماته وتعليقاته وحديثه الممتلئ ثقة كما أن يكون تماماً قد ضمن العودة لقصوره و «هيلمانه» مرة أخرى بعد الخروج من المحكمة.
تلك المشاعر التي تلف بالناس وهم يستحضرون جرائمه وتهديداته ضد شعبه وجيرانه وأقربائه أو كما قال النّظّام أو الشاعر القرني:
أذاك صدّام أم هذا أبو لهب / تبّت يدا عصبةٍ حمّالة الحطب / يا قاتل المجد يا سفاك / ما برحت كفَّاك في دمنا عاثت بلا سبب / روعت يا مجرم التاريخ أمتنا /هِجْتَ الأرامل بل أفزعت كل صبي / يا هتلر الشرق إسرائيل رغت لها / وهبتها ونصبت الموت للعرب
لم ننس كل ذلك لكن أن ينفذ الحكم ويعدم وتختزل كل الأحكام والجرائم في جريمة واحدة في قتل 128 من الدجيل، وجرح مشاعر المسلمين في تنفيذ الحكم يوم عيد الأضحى ليكون صدّام المجرم في ثوب أضحية العيد! فأرادوا أن يهينوه ويقللوا قدره. لكن كما قالت العرب: أخطأت... الحفرة. صنعوا منه بطلاً تاريخياً وزادوا في نجوميته، لثباته وهدوئه وعدم تهيبه الموت والإعدام، وإمساكه بالمصحف وتلفظه بالشهادتين قبل مماته. في عقيدتنا التوبة الصادقة النصوح تجبّ ما قبلها، فلربما تاب فتاب الله عليه وكان في إعدامه قصاصاً منه. لا ندري فذاك في علم الله، لكن الأمر الذي شبه متأكدين منه هو الاستياء والمقت والكراهية الشديدة لكل المتقصدين في اختيار الطريقة واليوم لمقتل صدّام الأسطورة لجرح مشاعرنا فنقول: إن الرسالة وصلت والمعايدة قد بلغت، والمرسل معروف، ولنا الحق الكامل كمتلقين أن نجيب تلك التحية والمعايدة السيئة ولو بكلمة على الأقل

لقراءة المقالة من موقع الجريدة فضلا اضغط هنا .

الاثنين، يناير 01، 2007

الأفلام الزرقاء

الأفلام الزرقاء جريدة الحياة - 01/01/07//

يقول: جنسية عربية معينة يكثر تهريبها لأفلام من نوع «البورنو» التي يسمونها في مصر «الأفلام الزرقاء». ذلك ما حدثني به أحد رجال الجمارك الذين يعملون كخط حماية أول للمجتمع والوطن من هجمات متعددة من الخرابات الأخلاقية وغيرها. ذلك الحديث دار بيني وبينه منذ ما يزيد على السنوات العشر من الآن، أول أيام تدفق القنوات الفضائية وقبل دخول الانترنت ويقول من أغرب ما شاهدته هو طبيب من الجنسية العربية ذاتها يحمل شرائط فيديو خاصة له، بينه وبين زوجته. يا خيبة الطب المهنة بمثل نماذج ذهبت تسجل خصوصياتها وتجعلها عرضة في أي لحظة للخروج من السيطرة.
ذكرى ذلك الحديث راودتني وأنا أقرأ أحد الأخبار المتكررة، آخرها ما وقع في المنطقة الشرقية عن ضبط أوكار وبعشرات الآلاف من الأقراص الممغنطة، التي تحمل داخلها الأفلام الإباحية لتباع بقيمة الخمسة ريالات أو أقل للزبائن الذين ليس لهم جنسية أو لون أو عمر أو جنس معين، بل الكل شريحة مستهدفة للتسوق من تلك العمالة المتربصة ببضاعتها المأفونة، والتي صاروا يحصلون عليها وبسهولة من القنوات المشفرة، التي يفك تشفيرها وبسهولة أيضاً لتباع كروتها المنسوخة بأبخس ثمن في «شارع الشيطان» كما يسمى في مدينة سعودية، تعارفوا على ذلك الاسم نظراً إلى وجود المحال التي تمارس هذا النشاط المعلن الخفي، وتعمل آلة التسجيل والنسخ آلافاً مؤلفة من تلك الأفلام لتقدم للصغار والكبار على حد سواء.
تلك العمالة التي تبيع بضاعتها في مواقف السيارات، وفي بسطات الأسواق الشعبية، وأخيراً بالقرب من المدارس، كما شكا أحد أولياء أمور الطلاب، الذي عاد له ابنه باسطوانة ابتاعها في الطريق، ولما وضعها في جهاز التسجيل وإذا بها المفاجأة إياها، التي عقدت لسانه وعطلت فكره وتصرفه.
محال الجوالات تمارس الدور ذاته على بعض الزبائن، وبعض محال الحاسب الآلي كذلك تشحن الأجهزة بالصور والمقاطع كخدمة مجانية أو شبه مجانية للزبائن، وصرنا في بركان يقذف علينا من كل صوب بحممه من المواد الساقطة، التي يصعب علينا وضع مصدات خاصة لها تحفظ أجيالنا منها.
ولعل تحقيقاً نشر في صحيفة «الحياة» أخيراً عن طريقة جديدة لنشر تلك المواد، وهي ببيع شرائح الذاكرة المتناهية الصغر من نوع «الفلاش ميموري» ونوع الذاكرة SD ذات حجم البطاقة الصغيرة، التي توضع في حافظة النقود أو الجيب العلوي ولا ينتبه لوجودها أحد وتكفي لتخزين فيلم كامل وبأعلى نقاء، ناهيك عن شرائح الميني SD أصغر من رأس الظفر وبسعة كبيرة أيضاً. وتقول إحدى الأمهات في موقع المستشار إنها وجدت ابنها الصغير ذي الثماني سنوات وهو يشاهد قناة إباحية نسي والده أن يقفل شفرتها، وتطلب منهم التوجيه في معالجة أثر ذلك الحدث على سلوكياته!
السؤال الحاد الذي يجري بين مواقع حروف لوحة المفاتيح ويقفز على شاشة الحاسب أمامي الآن: إلى أين نحن نسير؟ وهل تستطيع أيها الأب أن تحمي ابنك أو ابنتك من تلك المواد؟ قد تمنع جهاز استقبال القنوات الفضائية، أو تمارس رقابة عليها وتقفل بعضها وتمسح البعض، وتمنع أولادك من السهر بصحبة أقرانهم في الاستراحات والمخيمات الربيعية، لكن كيف لك أن تراقب تلك المواد التي تعمل على أجهزة الحاسب المحمولة وبسهولة وعلى أجهزة الجوال في غرفهم الخاصة؟
أظن أننا يجب أن نغير من استراتيجيتنا إلى المكاشفة مع الأولاد، وتحذيرهم من مشاهدة تلك المواد وإدمانها، وخطورتها على مستقبلهم الحياتي الاجتماعي، وأن تلك الممارسة الخاطئة تعطي مفاهيم مغلوطة عن الحياة الطبيعية الحقيقية، وتجعل حياتهم سجناً كبيراً من الشهوات البهيمية التي يجب أن يترفعوا عنها، ونربي فيهم العفة والالتزام، وتوجيههم نحو الأنشطة الثقافية والرياضية التي تحميهم من الوقوع في براثن تلك الآفة

تستطيع قراءة المقالة من موقع الجريدة على الرابط :
.