الأحد، يناير 22، 2006

مقالة جديدة في جريدة الحياة

جيمس كاميرون يدخل مدارسنا!

عبدالمنعم الحسين الحياة - 22/01/06//

المدارس... نعم، أقصد المدارس، أو ما يتعارف عليه بأنه مكان يجتمع فيه عدد من الناس، يقف أو يجلس معهم موظف يسمّى معلماً!
شخصياً أنا أدعو بتغيير مسمى المدرسة إلى أي اسم آخر، غير كلمة «مدرسة»... لماذا؟! لأن المدرسة في التاريخ كانت لها هيبة «أماكن التعليم والتعلم»، وهيبة «دور العلم والمشايخ والعلماء الكبار»...
تلك الهيبة كانت... أما الآن ففي اعتقادي أن المدرسة الحديثة المعاصرة لم تعد تحمل من المدرسة القديمة إلا الاسم ونقاط تشابه قليلة! وعلى رغم الموازنة الضخمة التي ترصد للتعليم في وطننا الغالي، مع ذلك تبقى مخرجات التعليم لا تتناسب مع مدخلاته!
المشكلة لا تكمن في المباني ولا المرافق التعليمية. ولكن ضبط الممارسات التي تتم داخل تلك الأروقة والتي كشفتها كاميرات المُخرجين الصغار عبر كاميرات الجوال...
اللافت أن تقنيات الجوال تطورت إلى التصوير وبدقة عالية، بل التصوير المتحرك، بالصوت وبالتقريب وبإضافة مؤثرات إما عبر الجوال ذاته أو عبر التلاعب بالمقاطع في أجهزة الحاسب وبرامج الإخراج الفني.
كل ذلك صار لعبة سهلة يمارسها الصغار. وللتأكيد من الذي صور «المعلم الكهربائي» الذي ضرب طالباً بسلك كهربائي من دون أي نظرة عطف لذلك الصغير المتألم والمتوجع؟ اسمحوا لي بسؤال آخر ولا أدري أتوجه به إلى من؟ للمخرج أم للمصور أم للمعلم أم لوزير التربية: ما سبب اختيار المعلم لسلك كهربائي في الفلم المرعب؟!
لا تقلقوا سأضع اختيارات: هل السبب دعاية للكهرباء؟ أم لإنتاج فيلم وثائقي أو فيلم علمي؟ أم أن هناك أسباب أخرى غير معلومة؟!
حين أخرج جيمس كاميرون، المخرج العالمي، فيلمه الأسطورة «تايتنك»، وبكل الإبداع الفني الذي يحمله لم ينتشر فيلمه كما تنتشر الآن أفلام ومسرحيات المدارس عبر «البلوتوث». هذه الأفلام ،المسرحيات تصور وتنقل مواقف وأخبار وطرف وأحداث تحدث وتنقل في شكل مباشر.
لعل كثيراً من الناس شاهدوا مقطع ضرب المعلم للطالب. ولعل كثيراً شاهدوا تصوير ضرب ولي أمر طالب لمعلم أيضاً... والأمثلة كثيرة.
هــكذا صارت الأفـلام القــصــيرة «السـكـتشات» تـنـقل تلك الأحداث إلى خارج الأسوار وتكشف لنا ضرورة مراجعة التسمية، تسمية «المدرسة».
لا أدري لماذا لا نقـبل التـغيير، فـالمجتـمع تقـبـل تـغيـير مسمى المراكز الصيفية، طبعاً بعدما شوهها الإعلام إلى تسميات تجديدية مثل «نوادي» و «ملتقيات».
إن بقاء المدارس على التسمية القديمة ذاتها هو خداع لفظي أو جمود لُغوي. ألا تقتنعون بذلك؟
ربما كان في المصارحة وتسمية الأشياء على حقيقتها نوع من العلاج، بل ووقوف على المشكلة في حد ذاته. وإلا كيف نسميها «مدرسة» وهي من دون كتب دراسية أو معلمين مثل ما يحدث مع بدايات الأعوام الدراسية: من نقص في الاستعدادات والكتب وغياب المدرسين... أو بغرف عبارة كيف نسميها «مدرسة» وهي تشبه المطابخ أحياناً، وكي لا يساء فهم الكلمة، اخترت «مطابخ» للتعبير عما يحدث في بعض المباني المستأجرة.
الإشكال ذاته ينصبّ على المعلم الذي يترك مدرسته ليحضر في صالات تداول الأسهم. وينصب على المعلم الذي يرمز لاسمه في جهاز الجوال، مثل المراهقين، لتبادل البلوتوث مع الطلاب، وتحديداً المعلم الذي يرمز لنفسه باسم غير لائق، على صعد عدة.
نعم... إنها إشكالية كبيرة، تضع الوزارة التي تغير مسماها من وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم في تحد صعب جداً لضبط ما يجري داخل مبانيها، حتى وصل الأمر إلى تتابع التعاميم في التأكيد على ضوابط يمكن أن توصف بمحاولات مستميتة للحد من انقراض المدرسة وتآكل مفهومها داخل تلك المباني والقلاع.
لا أقول كلاماً محبطاً، بل أنا متفائل جداً، على رغم كل ما يحدث. فهناك أمور أخرى كثيرة، وأمامها تعد مشكلة «مدرسة» «بسيطة»، فالأزمة التي نعيشها - تعيشها - الأمم والشعوب من حولنا أفقم، حيث دخـول الأسـلحة، والـمخدرات، ودخول القنابل اليدوية وتوزيع حبوب منع الحمـل على الطـلبة والطـالبات مجاناً... إضافة إلى توزيع الواقيات وغيرها من الأشياء التي انخرطوا فيها في أسفل سافلين، على رغم كل ما يقال عن الحضارة!
وربما كان حبل النجاة هو الأخلاق وميثاق الأمانة وعودة البيوت إلى استقرارها وترابطها. فالأمير تشارلز البريطاني حين زار المدارس الإسلامية في انكلترا ولاحظ الفرق في السلوكيات بين طلاب المدارس العادية وطلاب المدارس الإسلامية صرح: بأننا نحتاج أن نتعلم ونعلم طلابنا سلوكيات وأخلاق الإسلام العالية!
هذا الكلام يقوله تشالرز في التسعينات، ونحن محتاجون إلى أن نستنهض كل الطاقات في المجتمع بأسره، لاستشعار الخطر والتكاتف في شراكة بين القطاعين الحكومي والأهلي، لوقف عوامل التعرية وعدم رمي المسؤولية على وزارة التربية والتعليم فقط.

* كاتب سعودي

Monem75@Gmail.com

Google Groups

Subscribe to hosin

Email:

Browse Archives at groups.google.com

الآن اشترك في قائمة الحسين لعلوم الحاسب والانترنت والتقنيات وأخبار الاتصالات الحديثة

فقط ضع بريدك ثم راسلنا على

hosin@googlegroups.com